الأحد، 14 مارس 2010

كنيس الخراب بين الوعد وقيام المعبد




القدس المحتلة - نيوز فلسطين

كثرت الأصوات في الآونة الأخيرة والكلام حول ما يعرف بكنيس الخراب، وحول ارتباطه في بناء المعبد حسب المزاعم الصهيونية والنبوءات التي دارت حوله؛ وخلال هذا المقال سوف نتعرف على هذا الكنيس ومدى ارتباطه بالأساطير الصهيونية التي باتت تطبق فعلا على الأرض وتترجم في المسجد الأقصى ومحيطه.


يحاول الصهاينة طمس الطابع الإسلامي لمدينة القدس وإضفاء الصبغة اليهودية عليها تمهيدا لبناء المعبد داخل مدينة داود المزعومة، وذلك بخلق المتاحف الصهيونية التي تتحدث عن تاريخ مصطنع للشعب اليهودي داخل البلدة العتيقة مثل متحف قافلة الأجيال1، ومتحف البيت المحروق2 وقلعة داود3...الخ. ومن خلال الأنفاق التي أصبحت كنس ومزارات يؤمها اليهود من كل الأصقاع، والتي باتت تهدد بيوت المقدسيين والمسجد الأقصى بأسواره ومعالمه والتي تشكل شبكة عنكبوتيه أوجدت مدينة بأكملها أسفل البلدة العتيقة.
كذلك أقام الصهاينة خلال السنوات الأخيرة عدد من الكنس الصهيونية التي حلت محل الأوقاف الإسلامية بجوار المسجد الأقصى وحتى داخل حدود المسجد، مثل كنيس حمام العين4 يوهيل يتسحاق ( خيمة اسحاق)، وكنيس المدرسة التنكزية5 داخل مصلى المدرسة، وكنيس قدس الأقداس مقابل قبة الصخرة6، وكنيس قنطرة ويلسون7 أسفل المدرسة التنكزية، وغيرها الكثير في محيط الأقصى حتى بات عدد الكنس في البلدة العتيقة يضاهي عدد المساجد والكنائس فيها8، ومن هذه الكنس التي ما زالت تبنى لتخدم قضية التهويد والمزاعم وقيام المعبد معاً هو...


كنيس ها حوربا ( حوربا ) كنيس الخراب ... يبنى هذا الكنيس اليوم في مدينة القدس العتيقة كأحد المعالم البارزة جدا والمرتفعة فيها بجانب المسجد العمري الكبير9 داخل البلدة العتيقة في القدس الشريف على أنقاض حارة الشرف الإسلامية التي قام الصهاينة بتحويلها إلى حارة اليهود بعد أن هدمت وبدلت معالمها، ويعد هذا الكنيس أكبر كنيس يهودي بارز في البلدة القديمة، ويتألف من أربعة طبقات، ويتميز هذا الكنيس بشكله الضخم وقبته المرتفعة جدا التي تقارب ارتفاع كنيسة القيامة وتغطي على قبة المصلى القبلي داخل المسجد الأقصى للناظر للمسجد من اتجاه الغرب10.

تاريخ كنيس الخراب!!


يعود تاريخ هذا الكنيس حسب الرواية اليهودية إلى القرن الثامن عشر ميلاديحيث قدمت مجموعة من اليهود بلغ تعدادهم على خلاف من 300 إلى 1000 شخص من بولندا في 14 اكتوبر 1700 وقاموا بجمع أموال طائلة لرشوة بعض عمال الدولة العثمانية حتى يقوموا ببناء معبد حوربا على أنقاض معبد قديم11 ، ولكن بشكل اكبر وأوسع وتم البناء للمعبد الذي لم يكن يعرف بإسم الخراب بعد، إلا أن عدم دفع مبلغ الرشوة والديون الباهظة على تلك الجماعة من الأشكنازي أدت إلى مصادرة وهدم المبنى من جديد في 1721 وظل 89 عام والمعبد خراب ولذلك سمي بكنيس الخراب نسبة للخرابة التي احدثها هدم المعبد12.

والأرض المحيطة به أعيدت لأصحابها وقد أُخبرتُ من أهل القدس بأنه كانت تسكن هذه الأرض عائلة فلسطينية من آل البكري، وفي عام 1808جاء إلى القدس مجموعة يهود من تلاميذ جاؤون فيلنا حاولوا بناء الكنيس من جديد، إلا انهم فشلوا في ذلك لمنع السلطات العثمانية عملية البناء كون الأراضي المحيطة يسكنها عرب ومسلمين، حتى جاء زلزال عام 1834م13 لينتهز اليهود الفرصة ويُسمح لهم ببناء الكنيس من جديد في عام 1836م وظلت هناك بعض القضايا العالقة على مساحة هذا الكنيس والأراضي المحيطة به التي يسكنها أهل القدس.


فقام اليهود بجمع أموال تبرعات لبناء الكنيس من يهود العالم، فتبرع يهود اليمن وعدن والهند واستراليا ونيوزيلندا وسيلانوبغداد وقام كذلك بالمساهمة في هذا الكنيس الملك فريدرك الرابع من بروسيا حيث شرع اليهود في بناء هذا الكنيس في عام 1857 ميلادي بالتبرعات التي جمعوها، وتذكر المصادر اليهودية تفاصيل كثيرة عن شكل وطول هذا الكنيس وأبعاده، فقالوا أنه كان من أطول الأبنية الموجودة في القدس حينها حسب مصادرهم14.


وقد اكتمل بناء الكنيس في 1864 ميلادي حيث استمر البناء ببطء طوال ثماني سنوات وظل الكنيس على حاله حتى 25/5/1948 عندما حاصر الجيش الأردني بقيادة عبدالله التل مجموعة من قوات الهاجانا وطلب من الصليب الأحمر أن يخرج جميع المتمركزين داخل كنيس حوربا حتى لا تقوم القوات الأردنية بقصف الكنيس، فاستغل الصهاينة الكنيس كمعسكر حربي ورفضت قوات الهاجانا الخروج من الكنيس وفي 26/5/1948 أعطى عبد الله التل قوات الهاجانا مهلة 12 ساعة للخروج وإلا يقصف الكنيس وبالفعل تم هدم الكنيس في اليوم التالي حتى لا يظل ذريعة لعصابات الهاجانا بالتمركز فيه واعتباره معسكر بدلا من دار عبادة.



بعد ان احتل الصهاينة مدينة القدس العتيقة عام 1967 بدأت تظهر المطالبات بإعادة بناء كنيس حوربا من جديد، إلا أن حاخامات الدولة اكتفوا ببناء قوس تذكاري لهذا الكنيس كونه لا يشكل معلما هاماً.

وظل الحال على هذا حتى بدأت النظرة الصهيونية للمدينة تأخذ طابع الإسراع ببناء المعبد وتحويل المدينة إلى مدينة يهودية بالمنظور والتاريخ، ظهرت فكرة إعادة احياء بناء كنيس حوربا من جديد في بداية عام 2000 رغم وجود معارضة من العلمانيين وبعض اليهود المتدينين إلا ان المشروع أقر في بدايات العام 2001 وقدرت تكلفة المشروع بـ 7.3 مليون دولار تدفع الحكومة الصهيونية منها 2.8 مليون دولار والمتبقي يدفعه المتبرعون بدأت شركة تطوير الحي اليهودي ببناء الكنيس فعلا ويتوقع افتتاح هذا الكنيس حسب الصحف الصهيونية يوم 15/3/2010
المقبل15!!!.


إن هذه الرواية لتاريخ كنيس حوربا لا تعطي لليهود أي احقية بهذا الكنيس وذلك لأن اليهود حصلوا عليه من خلال الرشوة والضغوط السياسية ومع ذلك فهم لم يسددوا حتى قيمة الرشوة والمبالغ المترتبة عليهم فبذلك هم لا يملكون أي حق فيه ككنيس يهودي في حارة الشرف الإسلامية!.



هاحوربا نبوءة مصدقة عند اليهود

بداية بناء الهيكل


كنيس ها حوربا يشكل منعطف كبير جدا في العقيدة الصهيونية وفي قضية تهويد مدينة القدس من الناحية الدينية للشعب اليهودي ووجود المعبد ومن الناحية السياسية والسيطرة على المدينة المقدسة وجبل البيت كما يزعمون فوجود هذا الكنيس بهذا الوقت تحديدا وخلال هذا العام أمر لابد منه كي تتحقق رواية صهيونية لأحد الحاخامات عرفت بنبوءة إيليا بن شلومو زلمان المعروف بجاؤون فيلنا

((ר 'אליהו בן שלמה זלמן ))

16 والتي ادعى فيها في القرن الثامن عشر ميلادي خلال زيارته أن بناء المعبد ( الهيكل ) يكون في النصف الثاني من الشهر الثالث من العام 2010 كما أشار فيلنا إلى أن بناء المعبد ( الهيكل ) يأتي بعد تدشين معبد حوربا ( كنيس الخراب ) الموجود في الحي اليهودي في مدينة القدس العتيقة...


وقد اعتمد في ذلك فيلنا على أن حوربا سوف يهدم للمرة الأولى ويعاد بناءه ثم يهدم للمرة الثانية ثم يبنى للثلالثة ويكون في الثالثة سماح واذن لليهود ببناء المعبد الثالث حسب زعمه..17
هذه النبوءة التي تمثلت في بناء كنيس الخراب واقتراب الموعد الحاسم لبناء الهيكل باتت تمثل دستورا يطبق على الأرض عند المتدينين الصهاينة وبعض السياسيين لدى الدولة العبرية، فقد أصدرت صحيفة هارتس العبرية نقلا عن المؤسسة الصهيونية أن الانتهاء من كنيس حوربا ( الخراب ) سيكون في النصف من شهر مارس القادم ! ليكون أحد أهم دور العبادة اليهودية في القدس...


وعلى الأرض فإن تدشين هذا الكنيس الصهيوني يتزامن مع حملة تهويدية شرسة غير مسبوقة تشهدها مدينة القدس والمسجد الأقصى منذ بداية العام 2010 وكأن هذا العام بات نقطة الفصل لدى المتدينين اليهود والدولة العبرية في قضية القدس، فعند النظر إلى حفريات المؤسسة الصهيونية في محيط المسجد الأقصى فقد باتت متسارعة وبشكل جنوني لتترجم خطورتها فعلا في بلدة سلوان والانهيارات المتلاحقة فيها والتي شاهدها الجميع خلال الأيام القليلة الماضية، ولتتوسع الحفريات في جنوب المسجد الأقصى وفي محيط القصور الأموية وباتجاه المتحف الإسلامي في الزاوية الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى ليصبح الجدار الجنوبي من المسجد الأقصى بما فيه 72 متر من الجدار الغربي للمسجد بالقرب من القوس الأموي كله معرضاً للإنهيار الكامل والتكشف. كذلك فإن اتساع عمليات الحفر وانتشارها في غرب المسجد باتت واضحة ومسموعة للمقدسيين الذين يسكنون
بالقرب من باب الناظر (المجلس) احد أبواب الأقصى

ليؤكدوا جميعا هم وحراس المسجد أن هذه الحفريات تتجه شرقا!!

أي داخل المسجد الأقصى. وفي الشمال من المسجد الأقصى وتحديدا داخل حارة باب حطة فإن مصادر من أهل الحارة باتوا يتوقعون انهيارات واسعة في داخل الحارة نتيجة للتشققات الغير مسبوقة في بيوتهم وفي زقاق الحارة.!


أما على صعيد الاقتحامات التي باتت تجري داخل الأقصى ليل نهار فقد أصبحت واقعا يفرض على المسجد الأقصى، فيدخل السواح والمستوطنين إلى المسجد بالمئات مصطحبين معهم مخططات للمعبد ويدخلون برفقة عناصر الشرطة الصهيونية إلى مصليات المسجد الأقصى مثل المرواني والقبلي وقبة الصخرة ولا يستطيع أحد من حراس المسجد منع تلك المجموعات أو حتى الإقتراب منهم تحت التهديد بسحب الهوية والمنع من دخول الأقصى!!.


وإذا نظرنا إلى حال المقدسيين ورموز الصمود لديهم فالمخططات باتت واضحة لتغييب تلك الشخصيات عن المسجد والمدينة لكي يحلوا للصهاينة الإنفراد في تطبيق خطتهم المشئومة تجاه الأقصى.


هذه الشواهد والأحداث التي تطبق الآن في مدينة القدس وعلى أرض المسجد الأقصى وتتأجج مع بداية هذا العام كلها تؤكد على وجود موعد مرتقب لدى الصهاينة ونقطة مفصلية في قضية القدس والمسجد الأقصى، وتنذر بتطبيق نبوءة رسمها حاخامات الشعب اليهودي من قبل، إن لم يكن تفصيلاً فإجمالاً .


نبوءة وأسطورة تعطي إشارة لبناء الهيكل الثالث، إن صحت هذه الرواية وإن لم تصح فالشواهد والأحداث تثبت مخططات الصهاينة حول ما يبيتونه للأقصى خلال هذا العام ..


المسجد الأقصى خلال هذه الأيام يقف على حافة المنحدر، يواجه مراحل التهويد الأخيرة، يتعرض للهدم الفعلي والتبديل!لحظات وأيام فاصلة في قضية الأقصى وسيبقى التعويل علينا هل سننفض عنا غبار النوم أم سنترك الأقصى وحيدا؟! وحينها لن ينفع الندم ولن نستطيع النهوض مجددا!!!


اللهم قد بلغت اللهم فاشهد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقالات متصلة

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...