نيوز فلسطين- غزة المحاصرة
بداية وقبل كل شيء وبعيداً عن أي تأثيرات سياسية أو غيرها نتوجه لأهل الطفل الفقيد محمد علاء حسني مبارك بتعازينا الحارة لمصابهم الجلل سائلين المولى عز وجل أن يتقبله ويتغمده برحمته، ويسكنه فسيح جناته، آمين.
ما من شك أن للموت رهبة لا توازيها رهبة، وموعظة ما بعدها موعظة، خاصة عندما يتعلق الأمر بطفل بريء، بغض النظر ابن من يكون أو من هو جده، للطفولة معنى وآلام عندما ترحل عن هذه الدنيا، ربما يعرفها أكثر من أكرمه المولى عز وجل ورزقه الأبناء، وما من شك أيضاً أن دموع الأطفال تقطع القلوب، وأنّاتهم تمزقها، ورحيلهم لا يمكن وصفه، صبّر الله سبحانه وتعالى كل مكلوم بابن أو حفيد.لم أتمالك نفسي ورغماً عني تابعت الخبر الذي تناقلته كل وسائل الاعلام، وغطته كل وسائلها، وتبوء الموقع الأول لدى بعضها، وطغت مظاهر الحزن الرسمية على كل شيء في مصر، واحتشدت الجامعة العربية والأزهر ومؤسسات وشخصيات الدولة الرسمية وأعضاء السلك الدبلوماسي لوداع الفقيد محمد، وعرف القاصي والداني قصته، وترحم عليه ودعا له.
قلت لم أتمالك نفسي وأنا أتابع إلا أن أعقد مقارنة وأطرح أسئلة، عادة تفرضها مثل تلك المواقف، ألا نتذكر مآسينا عند وفاة أحد أقاربنا، ألست أتذكر والدي رحمه الله كلما رحل والد أحدهم؟ مقارنات وتساؤلات ليست من باب المناكفة في مثل هذه المواقف، لكنها وكما قلت تفرض نفسها.
الفقيد الطفل وبحسب التقارير تعرض لوعكة صحية بعد تناوله لوجبة طعام فاسد في مكان ما، نقل بعدها إلى مستشفى في القاهرة ومنها بطائرة خاصة إلى باريس ليعود ويتوفاه الله في القاهرة، هذا حفيد رئيس الدولة يتناول وجبة طعام فاسدة فما بالكم بعامة الشعب وأولادهم؟ وماذا عن أطفال غزة الذين يتناولون الفاسد والأكثر فساداً؟ هذا ان وجدوا ما يسد رمقهم، من لهؤلاء؟
التقارير ذكرت وذكّرت بتعلق الرئيس مبارك بحفيده الأكبر وعرضت صور له مع حفيده الراحل
وهنا أتوجه للرئيس المصري حسني مبارك بطلب بسيط، بل أستحلفه بالله أن يشاهد قصة الطفل الفلسطيني فراس أسعد ابن العامين الذي فارق الحياة بسبب حصار جائر يفرض على غزة، استحلفك بالله ولن تندم، بل ربما خففت مصيبة أهله من مصابكم، أهله الذين كان فراس وحيدهم، مصابهم الذي ربما خفف من مصابكم، أو ربما زاده، فالمشترك أن الحالتين قضاء الله وقدره، لكن فراس أسعد رحل قضاء وقدر وكذلك من صنع وحصار البشر.
سيادة الرئيس حسني مبارك فقيدكم كان له بواكي وحداد وجنازة وصلوات، لكن الآلاف من أطفال الشعب الفلسطيني لا بواكي لهم، منهم الجرحى والمعاقين والأيتام، ومنهم من لم يعرف للطفولة معنى.
أعذرني لهذه المقارنات والتساؤلات، لكنها فرضت نفسها كما ذكرت وأنا أرى وأتابع الخبر الحزين بمصابكم، أؤكد لكم أنها لسان حال الملايين من المكلومين والمحاصرين من الأخ والشقيق والقريب قبل العدو والغريب، لا علاقة بالشأن السياسي بما قلت وأقول ، لكنها عظة الموت، ولكم أن تسألوا شيخ الأزهر الذي عينتموه وتقدم الصفوف في جنازة الراحل محمد في مسجد آل رشدان بالقاهرة
أسألوه كم مرة في حياته كرر "كفى بالموت واعظاً" وكم مرة في حياته كرر "من لم يتعظ بالموت فما له من واعظ"، نعم هو الواعظ الذي نأمل أن يخفف عن أطفالنا وأهلنا في غزة
وهو ما حفظناه ونردده دائماً من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس فقال الأقرع :
إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه
ثم قال : ( من لا يرحم لا يرحم ) رواه البخاري.
أخيراً وحتى لا نطيل عليكم في هذه المناسبة الأليمة نذكركم بقوله تعالى:"إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" الزمر(30)لآل مبارك وخاصة والد ووالدة محمد خالص العزاء، رحم الله محمد علاء حسني مبارك، ورحم أمواتنا أجمعين، ورحمنا معهم يوم نلحق بهم.
"الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" البقرة (156)
بقلم د/ إبراهيم حمّامي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق