الثلاثاء، 9 مارس 2010

أهالي غزة: ألف يوم حصار.. اليوم بألف عام

ألف يوم من الحصار.. لاكهرباء.. لا بناء.. لا وقود

ومازالت غـــــزة راسخة كالجبال

ولن نركع ونستمر بالتحدى والصمود برغم الألم
غزة المحاصرة - نيوز فلسطين

على أضواءٍ خافتة تهدهد الغزاوية "أم يامن" طفلها وتلقمه آخر جرعات الحليب المتبقية في المنزل، راجية من الشموع ألا يخفت نورها حتى يغرق الصغير في سباتٍ عميق.

وهي تنظر لصغيرها بحسرة تقول أم يامن لـ"إسلام أون لاين.نت": "حياتنا جحيم لم نعد نستطيع تحملها، الحصار أرهقنا وقسم ظهورنا، فكل تفاصيل حياتي تغيرت، وملابس أطفالي أضطر لغسلها على يدي، والطعام أطبخه على الحطب، وأولادي يدرسون على الشموع".

وعن كيفية مرور الـ"ألف يوم" من الحصار على بيتها الصغير تضيف ربة المنزل: "الليلة الواحدة كانت بألف عام، انقطع النور وغاب بالكامل، وتشبعنا بكميات هائلة من الوجع والقهر", واستدركت بألم: "لا أظن أننا قادرون على التحمل أكثر لقد شاخت قلوبنا".

ويشهد قطاع غزة في 9-3-2010 مرور 1000 يوم على حصارٍ خانق فرضته إسرائيل عقب سيطرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على القطاع في منتصف يونيو 2007؛ حيث أغلقت جميع المعابر الحدودية، ومنعت دخول الوقود والغاز والسلع الغذائية، والصيد في عمق البحر.

مكانك سر

ومتكئا على حائط آيل للسقوط أمام كومة من ألعاب الأطفال منتظرا مشتريا ربما لن يأتي، يقول الشاب، يوسف راضي، عن إغلاق غزة للألفية الأولى من الحصار: "مللنا من لغة الحصار، لقد تعبنا منه ويئسنا من احتمال فكه عن مدينتا، فلا عمل يطعمنا لقمة كريمة، ولا كهرباء ننعم بضوئها، وحتى وجود غاز الطهي في المنزل بات في خانة الأحلام".

أما الطالبة "ريما سلامة" فتقول بنبرة لا تخلو من التشاؤم: "هذه الألف الأولى وستلحقها آلاف غيرها.. ولن تسع دفاترنا الصغيرة للأرقام الكبيرة القادمة، فالحصار بات أحد أفراد أسرنا يتنفس ويأكل ويشرب معنا ولا يفارقنا للحظة واحدة".

وتتابع بسخرية لاذعة: "إن رفعوا عنا الحصار أعتقد أننا سنشتاق له وسنفتقده فهو جزء منا، وربما يشتعل الشيب في رءوسنا ونحن مكانك سر ندعو الله بأن يفك حصارنا".

وبحزنٍ كسا ملامح وجهه يصف الموظف "محمود" الوضع الذي تعيشه غزة قائلا: "مدينتنا الصغيرة تحملت ما لم تطيقه عواصم عربية عريقة، وعاشت تفاصيل الـ 1000 يوم بثبات دون أن تتزحزح قيد أنملة على الرغم من الشلل الذي أصاب جميع شئونها الصغيرة".

ويستدرك بقوة "غزة قادرة على تحمل ألفية ثانية وثالثة ورابعة، وأهلها استطاعوا التعايش والتأقلم مع أوضاعهم الصعبة.. فالله معنا".

لا مزيد

ومع ازدياد لسعات الحصار غرقت المدينة في ظلامٍ دامس، وعاد الأهالي إلى العصور الحجرية بدءا بالحطب والأفران الطينية وانتهاء ببوابير الجاز والشموع؛ ليستطيعوا البقاء على قيد الحياة.

"أبو مازن مرتجى" يصف تلك الأيام بالمُرعبة قائلا: "لا كهرباء.. لا ماء.. لا دواء.. لا غاز للطهي.. وحتى حليب الأطفال فقدناه.. فكل فواتير الحياة وقفنا عاجزين عن تسدديها.. فالحصار صفعنا على وجوهنا بقسوة.. ولكن بالرغم من ذلك استطعنا التعايش معه وتأقلمنا مع الألم والمرض والجوع".

وتتساءل الموظفة "بشرى حمد" عن الشعرة التي ستقسم ظهر البعير فالمواطن ليس لديه القدرة الخارقة ليتحمل أكثر, فالأوضاع المعيشية تزداد حدة وصعوبة وإذا تحمل اليوم فلن يتحمل غدا".

وأضافت: "صحيح تحملنا الألف يوم بطولها وعرضها وصرخنا وتألمنا.. ولكن لا مزيد من الآلاف في قواميسنا فلن نطيق أكثر، نحن بالنهاية بشر وسننهار بأي لحظة".

نفد صبرنا

وبوجهٍ واجم جلس التاجر ماجد الشرفا على باب محله اقتربت منه "إسلام أون لاين.نت" وعن الألف يوم من الحصار سألته, وبغضب اشتعل على وجهه يجيب: "صبرنا نفد، وقوانا انهارت، ولن نتحمل أكثر، فالحياة لا معنى لها وسياط الحصار ضربت كل شيء".

ويلتقط طرف الحديث جاره "أبو أيمن" مؤكدا أنهم عاشوا أوقاتا مريرة لم يجدوا بمتاجرهم شيئا، وعانوا من شح البضائع وندرتها إلا أنهم استطاعوا التكيف مع هذه الظروف القاهرة، وأمضوا الألف يوم بصبرٍ منقطع النظير لم يشهده التاريخ.

وبرزت على السطح ظاهرة الأنفاق على طول الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي المصرية والفلسطينية بعد اشتداد وطأة الحصار فكانت بمثابة طوق النجاة والشريان الوحيد لقرابة 1.6 مليون شخص هم عدد سكان القطاع المحاصر, وأهدت المدينةَ الموجوعةَ الكثير من أسباب الحياة.

وبعد أن طوت غزة الألفية الأولى لحصارٍ قتلها ببطء تبقى الاستفهامات تتأرجح في الأذهان للأشهر القليلة القادمة: "هل غزة أبعد مما يكون عن فك الحاصر؟ ويا ترى كيف سيكون نهارها الألفية الثانية ومساؤها؟".



نقلاً عن اسلام اوين لاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقالات متصلة

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...